كتاب أصول الدين
للشيخ عثمان بن فودي
بسم الله الرحمن الرحيم. صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
قال العبد الفقير المضطر لرحمة ربه عثمان بن محمد بن عثمان المعروف بابن فودي عغمده الله برحمته أمين:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما بعد هذا كتاب أصول الدين نافع إن شاء الله لمن عوّل، فأقول، وبالله التوفيق:
العالم كله من عرشه إلى فرشه حادث، وصانعه الله تعالى وهو تعالى واجب الوجود قديم لا أوله، باقٍ لا آخر له، مخالف للحوادث، ما هو بجرم ولا صفة الجرم، ولا جهة له ولا مكان له بل هو كان كما كان في الأزل قبل العالم، غني عن المحل والمخصص، واحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، قادر بقدرة، مريد بإرادة، عالم بعلم، حي بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، مختار في فعله وتركه، والكمال الإللهي كله واجب له، والنقص الذي هو ضد الكمال الإلهي كله مستحيل عليه.
ورسله كلهم من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم صادقون أمناء مبلغون ما أمروا بإبلاغه للخلق، والكمال البشري كله واجب لهم، والنقص البشري كله مستحيل عليهم. ويجوز في حقهم الأكل والشرب والنكاح والبيع والشراء والمرض الذي لا يؤدي إلى نقص.
والملائكة كلهم معصومون لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، نورانيون ليسوا بذكور ولا بأناث، لا يأكلون ولا يشربون.
والكتب السماوية كلها حق وصدق.
والموت بالأجل حق. وسؤال منكر ونكير للمقبور وغيره حق. وعذاب القبر حق ونعيمه حق، ويوم القيامة حق، وبعث الأموات في ذلك اليوم حق، وجمع الناس في ذلك اليوم في مكان واحد حق، وإيتاء الكتب حق، ووزن الأعمال حق، والحساب حق، والصراط حق، والكوثر حق، والنار حق، ودوام النار مع أهلها حق، والجنة حق، ودوام الجنة مع أهلها حق، ورؤية المؤمنين له تعالى في الآخرة حق، وكل ما جاء به محمد على الله عليه وسلم حق.
فهذه أصول الدين إلهياتها ويبوياتها وسمعياتها، قد أثبتها الله تعالى كلها في القرآن العظيم، ويجب على مكلف أن يقتقدها كما جاءت. واعتقاد حميع هذه الأصول في حق العامة قائم مقام العلم في حق الخاصة لعسر وقوقهم على الأدلة. قاله عز الدين سلطان العلماء في قواعد الأحكام في إصلاح الأنام. قال ولذلك كان رسول الله صلى اللاه عليه وسلم لا يلزم أحداً ممن أسلم بالبحث عن ذلبك بل كان يقرّهم على ما يعلم أنه لا انفكاك لهم عنه وما زال الخلفاء الراشدون والعلماء المهتدون يقرّونهم على ذلك. قلت وأما من كان من أهل البصيرة فيجب عليه أن يعمل الفكر في هذه الأصول ليخرج من التقليد ويكون على البصيرة في اعتقاده لأن الدين مبني على التبصر لأهل البصائر، لا سيما إذ أبلغ المرء منهم مقام الدعوة إليه. قال تعالى: قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني.
وهنا انتهى كتاب أصول الدين. أللهم وفّقنا لاتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
تمت بحمد الله وحسن عونه
الصلاة والسلام على شرف المرسلين
محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
آمين ثم أمين.